پاسخ : صحیفه سجادیه -دعا های امام سجاد علیه السلام -سید ساجدین
ستايش و ثناى خداى عزوجل
الحمد لله الاول بلا اول كان قبله ، و الاخر بلا اخر يكون بعده . الذي قصرت عن رؤيته ابصار الناظرين ، و عجزت عن نعته اوهام الواصفين . ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا ، و اخترعهم علي مشيته اختراعا . ثم سلك بهم طريق ارادته ، و بعثهم في سل محبته ، لا يملكون تاخيرا عما قدمهم اليه ، و لا يستطيعون تقدما الي ما اخرهم عنه . و جعل لكل روح منهم قوتا معلوما مقسوما من رزقه ، لا ينقص من زاده ناقص ، و لا يزيد من نقص منهم زائد . ثم ضرب له في الحيوة اجلا موقوتا ، و نصب له امدا محدودا ، يتخطأ اليه بايام عمره ، و يرهقه باعوام دهره ، حتي إذا بلغ اقصي اثره ، و استوعب حساب عمره ، قبضه الي ما ندبه اليه من موفور ثوابه ، أو محذور عقابه ، ليجزي الذين اساؤا بما عملوا و يجزي الذين احسنوا بالحسني . عدلا منه ، تقدست اسماؤه ، و تظاهرت الاؤه ، لا يسئل عما يفعل و هم يسئلون . و الحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفة حمده علي ما ابلاهم من مننه المتتابعة ، و اسبغ عليهم من نعمه المتظاهرة ، لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه ، و توسعوا في رزقه فلم يشكروه . و لو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الانسانية الي حد البهيمية فكانوا كما وصف في محكم كتابه : إن هم إلا كالانعام بل هم اضل سلا . و الحمد لله علي ما عرفنا من نفسه ، و الهمنا من شكره ، و فتح لنا من ابواب العلم بربوته ، و دلنا عليه من الاخلاص له في توحيده ، و جنبنا من الالحاد و الشك في امره . حمدا نعمر به فيمن حمده من خلقه ، و نسبق به من سبق الي رضاه و عفوه . حمدا يضي ء لنا به ظلمات البرزخ ، و يسهل علينا به سل المبعث ، و يشرف به منازلنا عند مواقف الاشهاد ، يوم تجزي كل نفس بما كسبت و هم لا يظلمون ، يوم لا يغني مولي عن مولي شيئا و لا هم ينصرون . حمدا يرتفع منا الي اعلي عليين في كتاب مرقوم يشهده المقربون . حمدا تقربه عيوننا إذا برقت الابصار ، و تض به وجوهنا إذا اسودت الابشار . حمدا نعتق به من اليم نار الله الي كريم جوار الله . حمدا نزاحم به ملائكته المقرن ، و نضام به اناءه المرسلين في دار المقامة التي لا تزول ، و محل كرامته التي لا تحول . و الحمد لله الذي اختار لنا محاسن الخلق ، و اجري علينا طيبات الرزق . و جعل لنا الفضيلة بالملكة علي جميع الخلق ، فكل خليقته منقادة لنا بقدرته ، و صائرة الي طاعتنا بعزته . و الحمد لله الذي اغلق عنا باب الحاجة إلا اليه ، فكيف نطيق حمده ؟ أم متي نؤدي شكره ؟ ! لا ، متي ؟ . و الحمد لله الذي ركب فينا الات البسط ، و جعل لنا ادوات القبض ، و متعنا بارواح الحيوة ، و اثبت فينا جوارح الاعمال ، و غذانا بطيبات الرزق ، و اغنانا بفضله ، و اقنانا بمنه . ثم امرنا ليختبر طاعتنا ، و نهانا ليبتلي شكرنا ، فخالفنا عن طريق امره ، و ركبنا متون زجره ، فلم يبتدرنا بعقوبته ، و لم يعاجلنا بنقمته ، بل تأنانا برحمته تكرما ، و انتظر مراجعتنا برأفته حلما . و الحمد لله الذي دلنا علي التوبه التي لم نفدها إلا من فضله ، فلو لم نعتدد من فضله إلا بها لقد حسن بلاؤه عندنا ، و جل احسانه الينا ، و جسم فضله علينا . فما هكذا كانت سنته في التوبة لمن كان قبلنا ، لقد وضع عنا ما لا طاقة لنا به ، و لم يكلفنا الا وسعا ، و لم يجشمنا إلا يسرا ، و لم يدع لاحد منا حجة و لا عذرا . فالهالك منا من هلك عليه ، و السعيد منا من رغب اليه . و الحمد لله بكل ما حمده به ادني ملائكته اليه و اكرم خليقته عليه و ارضي حامديه لديه . حمدا يفضل سائر الحمد كفضل ربنا علي جميع خلقه . ثم له الحمد مكان كل نعمة له علينا و علي جميع عباده الماضين و الباقين عدد ما احاط به علمه من جميع الاشياء ، و مكان كل واحدة منها عددها اضعافا مضاعفة ابدا سرمدا الي يوم القيمة . حمدا لا منتهي لحده ، و لا حساب لعدده ، و لا مبلغ لغايته ، و لا انقطاع لامده . حمدا يكون وصلة الي طاعته و عفوه ، و سببا الي رضوانه ، و ذريعة الي مغفرته ، و طريقا الي جنته ، و خفيرا من نقمته ، و امنا من غضبه ، و ظهيرا علي طاعته ، و حاجزا عن معصيته ، و عونا علي تأدية حقه و وظائفه حمدا نسعد به في السعداء من اوليائه ، و نصير به في نظم الشهداء بسيوف اعدائه ، إنه ولي حميد .